الاثنين، 19 أغسطس 2013

ادب الملاحم

أدب الملاحم





عن موقع الدكتور بهنام ابو الصوف: http://www.abualsoof.com/index.asp
ختم اسطواني يبين إله الشمس في رحلة في قارب) الفترة الأكدية، حوالي 2300-2155 ق م. تل أسمر، البيوت رقم 4 أ. اكتشفت من قبل المعهد الشرقي 1932.   يظهر الختم الاسطواني الذي على جهة اليمين مع نموذج من الصورة التي حفرت  
 عليه كما تبدو عند دحرجة الختم على الطين. في هذا الرسم يظهر إله الشمس وتشع من أكتافه أشعة الضوء، وهو مسافر على الماء بسفينة رائعة. كما يظهر إلاه آخر يمثل المقدمة المدببة للسفينة وهو بدفعها بعمود، بينما إلاه الشمس يقودها. ويشاهد مع إله الشمس أسد له رأس إنسان يسافر معه وهو مشدود إلى مقدمة السفينة. ويطوف في الهواء فوق الأسد محراث ومزهرية فيها يدة وشيئان، أحدهما ربما يكون حقيبة من البذور، وإلى الخلف من السفينة يقف نصب يمثل إلاهة الزرع. وملئت هذه الآلهة بعرانيص من الإذرة التي تنمو من ردائها بينما تحمل غصنا مزهرا. ولا يعرف المعنى الصحيح لهذا المنظر. ويمكن أن يمثل رحلة خيالية تشير إلى العلاقة بين الأشعة الضوئية التي تمنح الحياة مع نمو الزرع وازدهار المنتوج.

إن هذا الختم نموذج من آلاف الأختام الاسطوانية التي استخرجت من الأرض في المواقع القديمة في بلاد ما بين النهرين. إن ما يحفر على هذه  الأختام يمثل أحيانا التقاليد الأسطورية  التي كانت جزءا من التراث الأدبي العظيم لهذه الحضارة. وإلى جانب الأساطير فإن أدب بلاد ما بين النهرين يشمل ملاحم وقصص وصلوات وأدعية وأمثال ورسائل شخصية وحكايات. إن أبدع عمل أدبي من بلاد ما بين النهرين  القديمة هي ملحمة گلـگامش. إن هذا العمل الشامخ الذي كان الأصل فيه أن يروى شفاهيا قد سجل على الألواح الطينية ربما حوالي 2000 ق م، قبل تسجيل ملحمتي ملحمة الإلياذة والأوديسة. كتابة. إن ملحمة كلكامش قصيدة طويلة تصف اعمال يطل يبحث عن هويته وعن معنى الحياة. إن ﮜلـﮝامش، البطل الذي صور إلاها جزءا وإنسانا جزءا آخر يتعامل مع مواضيع كونية مثل معنى الصداقة، والخوف من المرض، ومن الموت، وفي قوة الشر، وفي البحث عن الخلود.
الرابط الاتي يستعرض بشكل مبسط بعضا من تفاصيل الملحمة

 






ملحمة كلكامش ( هو الذي رأى ) - اوديسة العراق الخالدة , ترجمة  دكتور طه باقر


الاينوما ايليش ( حينما في الاعالي ) : اسطورة الخلق البابلية 
الالواح السبعة
في هذه الملحمة (حينما في الاعالي) ثمة دلالات ثقافية وفكرية قاطعة حول انساق المعتقدات، خرافات وأساطير، التي كانت تتملك اذهان البابليين في تلك الأثناء البعيدة. نستنتج ان فكرة الخليقة، كوناً وانساناً، كانت تهيمن على عقولهم وتحثهم على استشراف ما يجعل حياتهم على الارض رهناً بنظام ما يدخل الطمأنينة الى قلوبهم ويبدد قلقهم ويقلص مساحة الحيرة التي كانت تشد على اعصابهم. تروي الملحمة، في هذا المجال، وفقاً للألواح السبعة المكتشفة، ان الشخصية الرئيسية فيها، ويدعى "مردوك" تمكن من القضاء على منافسته الأخطر وتدعى "تئامت" وبدد شمل زمرتها وأوقعهم في الاسر. وشطر جسدها نصفين خلق منهما، كما تنص على ذلك الالواح السبعة، السماء والأرض، ثم خلق الانسان من دم احد الالهة. يلاحظ، في هذا السياق، ان الانسان، كما جاء في هذه الاسطورة، خلق من دم اله ممزوجاً بالطين، ويشير هذا الامر الى عنصرين اثنين يشتركان في تكوين الانسان: احدهما الهي خالد، والثاني من طين فان، وظيفة العنصر الالهي ان يجعل الانسان يشاطر الالهة في الفهم كما يعبر حكيم بابل في زمن الاسكندر، بيروسس ووظيفة العنصر الطيني، كما يرد في هذه الخرافة، ان يحرم الانسان من الخلود لان الالهة استأثرت وحدها بالحياة، كما جاء في ملحمة "جلجامش". وجاء في الألواح السبعة، انه لو خلق الانسان من دم الالهة فقط، لشاطرها الخلود والفهم في آن معاً، لكن الالهة ارادت ان يكون الموت من نصيب البشر.
يرى المؤلف ان الطبيعة السردية لهذه النصوص التي تقوم على البناء الاسطوري والمعتقدات الخرافية، حالت دون النظر العميق في حكمة بابل الدفينة فيها. هكذا قارب المستشرقون الذين فكوا رموز اللغات الشرقية القديمة، ثقافات سومر وبابل وأشور باعتبارها ما قبل الفلسفة وما قبل العلم. وفي الحقيقة فان حكمة بابل كانت مغلفة بلغة اسطورية او سردية. وكان اي حكيم شرقي يدرك بأن هذه اللغة
الخرافية ليست سوى غلاف خارجي لايصال رسالة ضمنية. ويضيف المؤلف، ان الدليل على ذلك هو ان حكيم بابل (بيروسس) عندما احتك باليونانيين، واراد شرح فكرة الخليقة البابلية لهم، ميز تمييزاً جلياً بين المحتوى الواقعي للأساطير والغلاف السردي لها. فأشار الى ان الصراع بين بطلي الملحمة "مردوك" و "تئامت" لم يكن سوى وصف أمثولي لعناصر الطبيعة.في اي حال، تكمن اهمية هذه الملحمة في انها انفردت باثارة الاهتمام من بين جميع النقوش السامية التي كتبت بالخط المسماري. وتستمد اسمها (حينما في الأعالي) من الكلمات الافتتاحية التي تستهل بها هذه القصيدة الطويلة التي يزيد عدد اسطرها قليلاً على الألف. وبصرف النصر عن الاعتبارات اللغوية، فان هذا الانتشار الواسع الذي حظيت به هذه الملحمة بالتحديد، انما يعزى في جزء منه الى أهميتها الاستثنائية في دراسة وجهات نظر العراقيين القدماء عن اصول الالهة التي كانت سائدة في زمنهم، اضافة الى خلق العالم، كما انها تشكل ميداناً واسعاً لا غنى عنه في القاء اضواء ساطعة ونادرة ايضاً على الخرافات والاساطير التي هيمنت على النشاط الفكري في العالم القديم قبل ظهور الأديان السماوية، ومع ذلك، يستخدم المؤلف هذه الملحمة ـ القصيدة، لقراءة ما يعتبره اوجه شبه بينها وبين "سفر التكوين" في التوراة.

مكتبة نينوى
بدأ اكتشاف ألواح هذه الملحمة على شكل نتف في العام 1848 بين خرائب الملك آشور بانيبال (668 ـ 630 ق.م) حيث كان البناء الذي يضم مكتبة نينوى العظيمة. وقد سبق للمنقبين الالمان ان عثروا على عدد من الكسر لنسخة آشورية من هذه الملحمة البابلية في الفترة الممتدة بين 1902 و1914. وقد اختلفت هذه عن الألواح المشار اليها في انها تضع اسم آشور، ملك الالهة الاشورية موضع "مردوك" ملك الالهة البابلية. وفي العام1928 عثر العلماء الالمان على كسرة بابلية حديثة من اللوح السابع. وكان المدعو جورج سميث اول من نشر نبذة عن الملحمة وذلك في العام 1975 وهو لا يزال موظفاً في المتحف البريطاني. أرسل مقالته الى صحيفة "الدايلي التلغراف" البريطانية، ثم اتبعها بكتاب من تأليفه بعنوان "قصة الخلق الكلدانية"، تضمن ترجمة ومناقشة لجميع القطع التي جرى التأكد من هويتها. وبدت محتويات هذا مهشمة جداً، لكن تشابه مضمونها مع الفصول الأولى من "العهد القديم" كان واضحاً لا لبس فيه، بحيث انهال عدد كبير من العلماء والبحاثة على دراستها واستخلاص المقارنات التاريخية والثقافية.يتفق العلماء المعنيون بدراسة حضارات بلاد ما بين النهرين على ان هذه الملحمة هي المصدر الرئيسي لمعرفتنا بالكونيات العراقية القديمة. وبينما تهتم اساطير الخلق الاخرى بجوانب محددة من الكون، فإن هذه الملحمة توفر لنا نبذة ذات دلالة عن أصل العالم ككل وطريقة تنظيمه وفقاً للخرافة البابلية. ومع ذلك، يلحظ المؤلف ان هذه الملحمة ـ القصيدة لا يمكن اعتبارها، بالدرجة الأولى، قصة خليقة على الاطلاق. بدليل اننا لو جمعنا كل الابيات الشعرية المعنية بهذه القضية بالتحديد، بما فيها تلك التي تشير إلى أصل الآلهة، فإنها لا تكاد تغطي ما يعادل لوحين من الألواح السبعة بقدر ما تنصرف إلى تمجيد الاله "مردوك". ويرى المؤلف ان الهدف من تمجيد هذا الاله في الاسطورة هو التغني بمدائح بابل من قبل الكهنة الذين كتبوا هذه الملحمة لتعزيز سيادة بابل على سائر بقاع الأرض.
تاريخ القصيدة
لا يمكن الجزم حتى اليوم بتاريخ تأليف هذه القصيدة في صيغتها السامية الماثلة أمامنا. فالألواح والكسر التي عُثر عليها في مكتبة "آشور بانيبال" في نينوى، تعود إلى القرن السابع قبل الميلاد. اما تلك التي عثر عليها في مدينة آشور ترجع إلى القرن العاشر قبل الميلاد على وجه التقريب. على حين أن الألواح التي عثر عليها في أمكنة اخرى من العراق، فإنها تُعزى إلى القرن السادس قبل الميلاد وما بعده. غير ان الثابت في هذا الإطار هو أن جميع هذه الألواح منسوخة عن ألواح أقدم. لذلك ينبغي، على الأرجح، ارجاع تاريخ هذه الملحمة إلى أبعد من تاريخ أقدم النسخ الموجودة، أي إلى ما قبل القرن العاشر قبل الميلاد. كان المقصود، على الأرجح، ان تُلقى هذه الملحمة ـ القصيدة إلقاء، أو تُنشد انشاداً. ولذلك فقد صيغت شعراً باعتبار ان الشعر أكثر الأساليب اغراء وتأثيراً في عقول الناس، من جهة، وفي التعبير عن هذا الغرض من جهة ثانية.ويخلو الشعر البابلي من القافية، غير انه لا يفتقر أبداً إلى الايقاع والوزن. واستناداً إلى قوانين الشعر البابلي، تقع الابيات في مزدوجات أو ثنائيات. وكثيراً ما تتحدّد هذه الأخيرة لتشكل رباعيات، أو مقطعاً من أربعة ابيات. فأبيات اللوح الأولى من هذه الملحمة القصيدة جاءت على الشكل التالي:
لقد آلمني مسلكهم،
لا أستطيع الهدوء نهاراً، ولا أستطيع الهجوع ليلاً،
سأدمرهم، وأضع حداً لمسلكهم،

حتى يعمّ الصمت، فننام حينئذ!
تلحظ كذلك في هذه الملحمة ان كل بيتين أو سطرين يقعان في شطرين تفصل بينهما وقفة واضحة المعالم. وكل شطر من شطري البيت يمكن ان ينقسم أيضاً إلى جزءين، ينطوي كل منهما، على نحو من قاعدة ثابتة، على كلمة أو عبارة واحدة.
يشير المؤلف إلى ان البابليين دأبوا على إنشاد هذه الملحمة في نهاية اليوم الرابع من الاحتفال بالسنة الجديدة في بابل. ومن المتعارف عليه ان هذا المهرجان الجماعي كان يبدأ في اليوم الأول من نيسان ـ ابريل ويستمر حتى الحادي عشر منه. وثمة دراسات تشير إلى احتمال تأدية هذه القصيدة تمثيلاً. ويبدو أن الهدف الرئيسي من إنشاد هذه الملحمة أو تمثيلها، هو طرد الشر والشريرين من بابل، أو انه كان يتم اللجوء إلى هذه الصيغة لحماية بابل من الغرق نتيجة لارتفاع منسوب مياه دجلة والفرات بعد ذوبان الثلوج في جبال ارمينيا وكردستان. وفي أي حال، يضيء هذا الكتاب، في ترجمته العربية على الأقل، ميداناً واسعاً وخطيراً تحتاج إليه المكتبة العربية في مجال المقارنة الفكرية والثقافية بين الحضارات القديمة
 

اسطورة انمركار  :



"كان فم الرسول كبيرا, فلم يستطع ان يكرر الرسالة, فقام سيد كولاب بتسوية بعض الطين,ووضع عليه الكلمات كما ترسم على قرص, وقبل ذلك الوقت لم تكن توجد كلمات منقوشة على الطين ابدا. "                                                                                                                    عن انمركار وسيد اراتا بحدود 2000 ق.م

تعد اسطورة انمركار من اقدم الاساطير التي عرفت حتى الآن وانها اول نوع من انواع الشعر السياسي الذي يضم اول اشارة للمفاوضات الدبلوماسية وفض المنازعات بالطرق السلمية بين الاقطار المجاورة للعراق، مؤلفة بالشعر وباللغة السومرية، مدونة بالخط المسماري على عشرين كسرة من الطين، عدد ابياتها (637) بيتاً محفوظة الآن في المتحف الوطني باسطنبول.عثر عليها في خرائب (نفر) في قضاء عفك قرب الديوانية جنوب العراق- عند اواخر القرن التاسع عشر للميلاد، وعلى ما يظهر من اسلوبها انها تعود إلى ما بعد العصور –Early Post Sumerian Period- السومرية الاولى حكايتها تدور بين بطلين احدهما يسكن اورك- الوركاء- احدى مدن السومريين بالقرب من السماوة واسمه (انمركار) والاخر مجهول الاسم- مع الاسف الشديد- يسكن جنوب ايران في ولاية (ارتا) ولربما مقاطعة لورستان الحديثة وعلى ما يظهر ان بداية الملحمة مفقودة وقد انخرمت سطور الكتابة من الكسر الاخرى نتيجة للعوارض الطبيعية في الارض وما اصاب المكان الذي وجدت فيه من خراب، الا ان الملحمة وتكرار المقاطع على العادة في تأليف الشعر ونظمه، مكنتنا من فهم سياق القصة والتقريب بين اجزائها المفقودة.
**
فكرة الاسطورة:-تبدأ الاسطور بأبراز عظمة مدينة "اورك" وانها الموطن المقدس للالهة (ايننا) او (عشتار) ربة الحب والحرب والجمال وام قدماء العراقيين- وسيطرتها السياسية وتحكمها في الارض وتفوقها على البلدان المجاورة منها مقاطعة (ارتا) في جنوب ايران وان بطلها (انمركار) ابن (اوتو) اله الشمس الذي اراد بمشيئة اخته (انننا) ان يأمر اهل ارتا بتقديم الذهب والفضة واحجار الزورد لبناء معبد (آبسو) في مدينة (اريدو) جنوب العراق وقد ارشدته بأن يختار رسولا ينوب عنه ليفاوض حاكم (ارتا) بالطرق السلمية لتنفيذ ارداته. وعلى الرسول ان يكون قويا شديد البأس يتحمل مشاق السفر ويتمكن من عبور جبال (انشان) المتاخمة (لاروك) وانها على يقين ان اهل (ارتا) سيلبون الطلب. فعل (انمركار) ذلك وانتخب رسوله، وقبل ان يسافر زوده برسالة يهدد بها ولاية (ارتا) وانه سيجعلها موحشة اذا لم ينصع حاكمها لمشيئته ويقدم الذهب والفضة والبرنز لبناء المعبد المقدس وعلى الرسول ان يردد تعويذة (انكى). في الشدائد ويخبره ان (انكى) اله المياه والامطار والزوابع وضع السلطة في يده وان الذهب والفضة ومسالك الارض هي للاله (انليل) اله الهواء. مضى الرسول من اروك حتى وصل ولاية ارتا بعد رحلة شاقة عبر فيها سبعة جبال وهناك سلم رسالة سيدة إلى حاكمها فكان نصيبها الرد لان الالهة الام انننا لم تكن ملكة لـ -اى- -أنا- في اروك وهي التي وعدت اخيها انمر كار بان ارتا ستخضع اليه وتقدم ما يريد قفل الرسول راجعا إلى اروك واخبر سيده انمركار فثار وارعد وهدد بالحرب والخراب على ما يظهر من صلب النص ان ولاية ارتا تشكو ندرة الطعام وان حاكمها اراد كمية من الحنطة بدل الذهب والفضة وان ارتا ستكون خاضعة لامره. ولكن انننا تعرف ذلك ولم تعترف لاخيها بالامر الواقع. وقامت المفاوضات على قدم وساق.وذات مرة عاد الرسول إلى اروك كعادته وسلم الرد إلى سيده في بلاطه المحتشد وقبل ان يفضه صلى وقام ببعض الطقوس الدينية وبمساعدة الهة الحكمة السومرية (نيدابا) اخبر مستشاريه بان حاكم ارتا يريد الحنطة بدل الذهب والفضة فوافق رجاله وقرروا ارسال الحنطة إلى ارتا وان انمر كار سيرسل ايضا صولجانه وعصى السلطة بعد ان يقدم الذهب والفضة والعقيق وحجر اللازورد. مضى الرسول هذه المرة من اروك ومعه شحنة الحنطة فاستقبله سكان ارتا بكل فرح وبكل سرور واخبروه انهم على استعداد لتقديم الذهب والفضة والعقيق وحجر اللازورد لبناء المعبد المقدس. الا ان حاكم ارتا استشاط غيظا لان صولجانه لم يصل إليه وانه لا يريد ان يكون خاضعا الخضوع التام لاروك قفل الرسول بسرعة إلى بلاده واخبر سيده انمركار بالامر فغضب وتشاءم وقرر الذهاب إلى غابة (شوسيما) التي تجلب (الضوء والظل) والتي يأتي منها الظل والضياء طلبا للنجدة. وبعد عشر سنوات على هذه المفاوضات ارسل انمر كار رسوله الرابع فكان الفشل نصيبه لتعنت الجانبين وذات مرة وضع انمركار الصولجان في يده وتأهب للحرب ليقيم في ارتا.الا انه رجع إلى (شتامو) حيث وضح الامر وذكر ارتا يطلب فيه النزال والصراع معه او مع احد من رجاله الخمسين، فتساءل حاكم ارتا، ما نوع هذا الرجل المنتخب للنزال؟ اسود ام ابيض ام اسمر ام اصفر ام مرقط، او كل رجاله يظهرون مرة واحدة؟ عليه ان يفكر قليلا عندما يتكلم الا ان انمركار ارسل رسوله هذه المرة إلى حاكم ارتا وبيده هذه الشروط.
*
يأمر انمركار حاكم ارتا للنزال وعليه ان يرسل احد محاربيه في ارتا. يطلب انمركار من حاكم ارتا ان يعد له الذهب والفضة وقطع الحجارة إلى الالهة انننا في اروك.
*
وسيهدد ويدمر ارتا اذا لم يعد حاكمها حجر الجبل ويبني ويزين معبد آبسو في اريدو. وقد دونها على رقيم طيني لان الرسول سيجد صعوبة في ترديدها.اخذها الرسول ومضى بها إلى ارتا.. ولكن على حين غفلة ان الالهة السومرية (اشكور) آلهة المطر والزوابع جلبت لارتا بقولا وحنطة ففرح حاكم ارتا ورد الرسالة بكل شجاعة وامر الرسول المفاوض ان يرجع إلى اروك ويخبر سيده بذلك. وهنا يتكسر النص ومن الصعوبة متابعة القصة. ولكن بعض الاشارات تخبرنا بان الالهة انننا قد احدثت الطوفان في ولاية ارتا فدمرها واحل بها الخراب. وان البطل انمركار لبس الخوذة وتحلى بجلد اسد والتف حوله ستة من اصحابه ولربما (تموز) والى هنا تنتهي الملحمة لان بقية السطور محطمة كثيرا ما يعتريها الغموض.
**
بعض الاستنتاجات:-يستنتج من هذه الاسطورة ان المدن السومرية كانت في هذا الدور خاضعة لحكم الابطال الذين عاشوا في القرن الاول للالف الثالث قبل الميلاد كما عاش (جلجامش) و(لوكال بدا) وان هؤلاء الابطال قد ادانوا عواطفهم للشعراء والمنشدين ليدونوا اعمالهم بشكل قصص واساطير.. ويحتمل عندنا ان يكون البطل هذا هو الشاعر او الناظم نفسه. يظهر ان مدينة اروك السومرية لها السيطرة العليا في جنوب العراق وانها في رخاء تام ولا ينقصها الا الذهب والفضة والحجارة النادرة. ان ارتا من الناحية الجغرافية تحدها سلسلة من الجبال وانها تقع في الطريق المؤدي إلى مدينة انشان إلى الجنوب الشرقي من ايران.
*
يحكم ارتا (بطل) او ملك الرئيس الاعلى في الولاية ويحتمل ان تكون هذه اول اشارة للحكم الملكي في جنوب ايران.
*
يظهر ان ملوك سومر كانوا يستوردون الذهب الخام والفضة والحجارة النادرة من ايران علاوة على استيراده من شبه جزيرة العرب ايضا نظرا لتوفر المادة في تلك البقاع

منقول http://www.abualsoof.com/