السبت، 17 أغسطس 2013

الكتابة والتدوين في بلاد سومر




المرأة ومكانتها المتميزة في المجتمع




 
عن موقع الدكتور بهنام ابو الصوف: http://www.abualsoof.com/index.asp






بالرغم من أن السيادة في مجتمعات ما قبل التاريخ، ومنها العراق، كانت للرجل بسبب قوته الجسدية ومصارعته الطبيعة القاسية وحيواناتها الضخمة المفترضة للحصول على الطعام له ولصغاره ولأزواجه، إلا أن للمرأة أيضاً في تلك الأزمان السحيقة في القدم دورها ومكانتها. فقد كانت هي التي تُعني بالصغار وبحمايتهم وتنشئتهم، كما كانت في أوقات كثيرة تساهم مع الرجل في الصيد ومقاتلة الأعداء، كما كان يقع عليها عبءُ تهيئة الطعام ونظافة الكهف والعمل يداً بيد مع الرجل في تشظية وتحضير الآلات والأدوات من الحجارة والعظام وأخشاب الأشجار، وتشير الأدلة المكتشفة في كهف شانيدار أن سكنه ذلك الكهف من إنسان نياندرتال العراقي قد اهتموا بموتاهم واعتنوا بدفنهم بأسلوب احتفالي أحيانا، وقد وضعوا زهوراً برية تنمو في المنطقة عند رؤوس بعض أولئك الموتى وذلك قبل أكثر من أربعين ألف سنة، إننا نميل إلى الاعتقاد بان المرأة العراقية في كهف شانيدار كانت وراء هذا العمل الجمالي والإنساني معاً في ذلك الزمن السحيق في القدم.

ومرت بضعة ألوف من السنين على حياة الكهوف والصيد والبحث عن الطعام اعتدل فيها المناخ وقلت الأمطار وانخفضت المياه في الجداول ونساؤه يبحث عن الدفء والطعام فقادته قدماء إلى مروج خضراء فوق هضاب وفي سهول ووديان تجري فيها المياه المياه والشلالات. فاستقر فيها مع من معه. وذهب الرجال كعادتهم وراء الفريسة والصيد، بينما سكنت النساء مع صغارها في تلك المروج وفوق الهضاب الخضر يرقبن حركة الطبيعة ونماء النبات تلقائياً، وفيه حبّات تصلح غذاءً طيباً إذا ما أبتلت الماء بعد تساقطها فيه فتجمعها الصغار ويلتهمونها بمرح، بينما تلتقطها النساء لتحليها إلى عجينة طرية تحولها نار الموقد إذا ما أسقطت فيها إلى وجبة طعام لذيذة. وتبقى بعض حبات هنا وهناك في التربة المبتلة بمياه المطر القادم بعد حين لتبرز من الأرض نباتاً أخضر سرعان ما تعلو سيقانه سنابل تصطف في كل منها حبيبات منتظمة تتساقط مرة أخرى على الأرض بعد جفافها فتحيلها النساء مرة أخرى إلى عجينة تشويها في النار وتقدمها لصغارها وجبة شهية. وبتكرار الحدث هذا وبمواسم منتظمة أمام مرأى المرأة في أماكن سكناها في العراء تنبهت إلى مغزاة فأخذت هي تأخذ الحبوب الناضجة وتدفنها في التربة الرطبة ليأتي عليها زمن المطر فتنمو إلى سنابل تعطي حبيباتها طعاماً ولصغارها . وهكذا حصلت المرأة في العراق القديم على حقلها الأول وكان السبب وراء نماه نوعين من الحبوب الصالحة كطعام، وهي الحنطة الشعير التي تنمو برياً في سهول وهضاب تعلو ألف متر فوق سطح البحر في الأطراف الشمالية والشرقية من بلاد الرافدين.

ويذهب بعض دارسي نشوء الحضارة إلى أن المرأة قد أستأنست الحيوان قبل تعرفها إلى الزراعة بنحو ألفي سنة. وقد حدث ذلك حين شاهدت المرأة نوعاً من الخراف والماعز تعيش برياً في أماكن سكناها التي يزيد ارتفاعها أيضاً عن ألف متر فوق سطح البحر، وقد الفتها تلك الحيوانات كما ألفت اطفالها صغار تلك الحيوانات فأخذت الصغار لتُربى جوار منازلها، وهكذا تحقق لإنسان بلاد الرافدين دخول مرحلة اقتصادية هامة في حياته التي باتت بفضلها حياته أكثر استقراراً وامناً، وهي مرحلة انتاج قوته بنفسه. ويرى الكثيرون أن تحقق ذلك كان على يدي المرأة بسبب يقظتها وانتباهها لما كان يجري حولها في الطبيعة ولأهتمامها بسد حاجات اطفالها إلى مصدر دائم وثابت للغذاء.

إن معرفة الإنسان بالزراعة واستئناس الحيوان في ذلك الزمن المبكر من العصر الحجري الحديث أعتبر قفزة كبيرة في مضمار التقدم والحضارة، وذلك بانتقاله من حياة الصيد والتجوال وجمع قوت يومه إلى مرحلة من حياته أكثر أمناً واستقراراً، والتي عدها بعض المشتغلين في نشوء الحضارات الأولى أخطر انقلاب حققته البشرية في مسيرتها الطويلة على سطح هذا الكوكب، وقد أطلق عليها البعض ثورة إنتاج القوت والثورة الزراعية وثورة العصر الحجري الحديث.أنها المرحلة التي أعقبها التوصل إلى معارف وتقنيات عديدة في العمارة وعمل الفخار وممارسة معتقدات أولى في الدين والعبادة، وكله في قرى أولى اقامها ذلك الإنسان في مقاره التي حقق فيها تلك القفزة النوعية في حياته الاقتصادية.

وقد تحقق كل ذلك بخطوات بطيئة، إلا أنها مثمرة استغرقت ما لا يقل عن خمسة الآف سنة أعقبت توصله إلى تلك القفزة الاقتصادية الهامة، فنمت قراه الزراعية الأولى إلى نواة للمدن بتكوينها الاجتماعي ونسيجها الحضري الذي قاد بالتالي إلى ظهور الحضارة العراقية الناضجة في أواخر الألف الرابع ومطلع الألف الثالث قبل الميلاد.

ومن النتائج الفكرية الهامة للتحول الاقتصادي هذا ظهور العقيدة الدينية بأبسط مظاهرها في تقديس الأرض واعتبارها إلهة للخصب والعطاء ومصدراً للغذاء فكانت الأم الأرض أول معبود اتخذته البشرية الأولى في كل مكان عرفت فيه الزراعة وتدجين الحيوان. فقد قدس فلاحو العراق والعالم القديم كله الأرض بشكل امرأة بحالة الحمل، وأقاموا لها المزارات وقد موا لها الهدايا والنذور، والأم الإلهةMother Goddess أو الأم الأرض(Mother Earth) عند السومريين وبصفاتها الأخرى في الجنس والخصب وتكثير النسل والحب والزواج هي إنانا(E-Nann) كبيرة آلهة الوركاء التي منحتها الملوكية والسيادة والحكمة.

بعد انقضاء الألف الرابع قبل الميلاد، حين نمت قرى العراق الزراعية الأولى وصارت مدناً تشعبت فيها الحياة وتشابكت مصالح السكان والمعبد والكهنة، وكان لابد من إيجاد تشريعات لحماية الفرد في المجتمع وتنظيم شؤون الحياة في دولة المدينة(City-State).

فوضعت إصلاحات اجتماعية اولاً اعقبتها قوانين وشرائع كان للمرأة فيها نصيب وافر. فقد وضع أورو- كاجينا(2378-2371 قبل الميلاد) الحاكم السومري لسلالة لجش إصلاحات اجتماعية تنظم حياة الأسرة ومكانة المرأة في مجتمع دولة المدينة السومرية، إضافة إلى تنظيمه للشؤون الاقتصادية وحده من سيطرة المعبد وكهنته على شؤون الدولة المالية وفي شريعة أور- نمو مؤسس سلالة أور الثالثة السومرية (2113-2006 قبل الميلا) عدد من المواد القانونية تعالج حقوق المرأة الباكر والمتزوجة والمطلقة. ولم تغفل شريعتا ليت- عشتار وأشنونا المرأة وشؤونها العائلية، كما تحتوي شريعة حمواربي(1792-1750 قبل الميلاد) على أكثر من ثلاثين مادة قانونية (المواد 127-194) تعالج شؤون الأسرة والمرأة بالذات من زواج وطلاق وأرث وتبن وحمايتها من أي نوع من أنواع الاعتداء. وإن هناك العديد من رقم طين مدونة بالخط المسماري لقوانين آشورية تتطرق في عدد من موادها إلى شؤون المرأة ومكانتها الاجتماعية وفي العديد من قوانين العراق القديم مواد تبحث في حقوق المرأة وامتيازاتها التي تُعد على درجة من التقدم في حينه. فقد اعطت بعض تلك التشريعات للمرأة حق إدارة أملاكها الخاصة بنفسها دون أي تدخل من ذويها أو زوجها، كما منحتها إحدى مواد شريعة حمورابي الحق في طلب الطلاق أن استطاعت أن تثبت أمام القضاء أن زوجها قد أهانها أو أساء إلى سمعتها،كما أعطاها الحق في أن تثبت براءتها واخلاصها للحياة الزوجية إذا أدّعى الزوج بأنها قد خانته.

وكان للمرأة في العراق القديم الحق في ممارسة أعمال ومهن مختلفة والقيام بواجبات ضمنها لها المجتمع والقانون. فقد شاركت نساء سومريات معروفات أزواجهن الأمراء والحكام في الإشراف على شؤون الدولة وتصريف الشؤون المالية وجمع الضرائب وتوزيع الأرزاق وشراء العبيد وترؤس الاحتفالات الدينية. كما برزت منهن حاكمات وكاهنات وقد شغلت نساء بارزات في المجتمع الآشوري مناصب كبيرة في الدولة. ولدينا نص مسماري من القرن الثامن عشر قبل الميلاد يشير إلى أن امراة قد ساهمت في هيئة من المحلفين أمام مجلس للقضاء في مدينة نفر. وقد امتهنت المرأة في العراق القديم. ومنذ العصر السومري مهنا ًمختلفة منها الكتابة والطب والغناء والعزف على الآلات الموسيقية وتصفيف الشعر وادارة الحانات والمطاعم. وكانت المغنية أور نانشه من أشهر النساء الموسيقيات في أواخر عصر فجر السلالات السومرية في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد. كما كانت تغني وتؤدي بعض الرقصات أيضاً وتمثالها المكتشف في مدينة ماري على نهر الفرات(ضمن الحدود السورية الآن) يظهرها مرتدية سروالاً وشعرها المجعد متهدل على كتفيها وظهرها. كما كانت حفيدة العاهل الأكدي المعروف نرام سن(2254-2230 قبل الميلاد) تعزف على الكنارة في حضرة الإله سن إله القمر في معبده الرئيس في آور. ومن النساء الشهيرات في العراق القديم الملكة شبعاد(بو-أبي) زوجة الملك آبار- كي أحد ملوك سلالة آور الأولى سنة(2650 قبل الميلاد). اشتهرت هذه السيدة السومرية بمقبرتها المكتشفة في أور في أواخر العشرينات من القرن الماضي والشهيرة بزينتها وأثاثها الملكية من الحلي والاحجار الكريمة وكذلك الضحايا البشرية التي رافقتها إلى مقبرتها والمؤلفة من حاشيتها وخدمها وحرسها بألبستهم الكاملة وأسلحتهم وعرباتهم وعددهم تسعة وخمسون شخصاً. وقد تكون شبعاد وزوجها أبار- كي من ضحايا طقوس وشعائر الزواج المقدس الذي كان يمارس سنوياً في مرحلة مبكرة من التاريخ السومري ليعم الرخاء والخصب في البلاد.

والملكة كوبا با (2420 قبل الميلاد) استولت على عرش كيش وحكمت دولة مدينتها مدة ثلاثين سنة بحنكة وذكاء واقتدار دون مشاركة زوجها أو إبنها. كما كانت الأميرة والكاهنة انخيدوانا ابنة سرجون الأكدي(2371-2316 قبل الميلاد) أول أميرة في العراق القديم تشغل منصب كاهنة عظمى (أنتو) في معبد الإله سن إله القمر في أور ولمعبد إله السماء آنو في الوركاء بوقت واحد. وقد عُرفت الأميرة انخيدوانا بكونها شاعرة أيضاً. فقد وصلتنا إحدى أشهر قصائدها في مدح الإلهة إنانا(عشتار) والتي دعتها فيها سيدة النواميس جميعها، معددة خصال هذه الإلهة العظيمة.منذ أقدم الأزمنة في بلاد ما بين النهرين كانت النسوة الواتي ينحدرن من طبقة اجتماعية ممن يتمكنون على صنع تماثيل لهن قادرات على وضع ما يمثلهن في المعابد. وكن يفعلن ذلك من أجل أن تبقى تماثيلهن في حالة صلاة مستمرة بينما يقمن بأعمالهن اليومية كالعادة. وكانت هذه التماثيل العبادية تمثل المرأة فهي ترتدي الزي السائد في المجتمع آنذاك، وهو رداء بسيط يكشف الكتف الأيمن للمرأة بينما ترتب شعرها بخصلات جميلة الشكل.

كان دور المرأة في مجتمع بلاد ما بين النهرين معينا بدقة. كانت ابنة ابيها أو امرأة زوجها. ونادرا ما كانت المرأة تعمل كفرد مستقل خارج نطاق عائلتها؛ بينما كن النساء من العائلات الملكية أو نساء أصحاب النفوذ قادرات على تأكيد أدوارهن الفردية.

ومعظم الفتيات كن يتدربن منذ الطفولة على الأدوار التقليدية للزوجة والأم وربة البيت. كن يتعلمن كيف يطحن الحبوب، والطبخ وصناعة المشروبات وبخاصة البيرة، وكيف يغزلن ويحكن الثياب. وإذا عملت المرأة خارج بيتها فإن عملها يبقى ضمن واجباتها المنزلية. كانت ربما تبيع البيرة، أو تدير حانة. أما دورها كأم ومربية لأطفالها فقد دفعها لتتعلم وظيفة المولدة للنساء وكذلك لعمل الأدوية التي تمنع الحمل أوتسبب الإسقاط. وبعيد وصولها سن البلوغ كانت الفتاة تعد جاهزة للزواج. كانت الزيجات ترتب من قبل عوائل الزوج والزوجة. وقد وصفت حفلات الزواج بأن يقوم العريس بصب العطور على رأس عروسه. وكان يعطيها ويعطي عائلتها الهدايا والنقود. وحالما تخطب الفتاة ستصبح جزءا من عائلة خطيبها. فإذا مات خطيبها قبل الزواج فستتزوج أحد أخوته أو أحد أقربائه
نساء على خارطة العراق التاريخية
1) الكاهنة العظمى "انخيدو أنا " ابنة سرجون سيد بلاد اكد وسومر والجهات الاربعة

هي أول أميرة تشغل مركز الكاهنة العظمي (لأنو) وللإله (سن) وهو اله القمر، وهي بذلك قد حازت على مجموعة من السلطات الدينية في مدينة الوركاء، ولعل امتداد السلطة في العائلة تعبر عن شكل من أشكال تمظهر النظم السياسية فيما سبق، والتي كانت تحكم باسم الآلهة في تلك الفترات التاريخية الغابرة، كما إن (سن) ذاته عند العرب الجاهليين هو(ود) إله الحب في بعض ما يرمز إليه، ولازالت الكلمة تحمل مدلولاتها التاريخية بالتعبير عن مشاعر الحب، وقد سادت عبادة آلهة القمر في أور.
كما أن أهميتها لم تنبع فقط من اعتبارها الكاهنة العظمي، وإنما لكونها قد سنت أن يبقى بعدها منصب الكاهنة العظمي مقتصرا على الأميرات من بنات وأخوات الملوك أيضا، وشغلت (انخيدو أنا) إضافة إلى منصبها منصبا آخر هو الكاهنة العظمي أيضا لمعبد الإله (آنو) إله السماء في الوركاء .ولم تشتهر الأميرة بكونها الكاهنة العظمى فقط أو لسنها ما أشرنا إليه، بل بكونها قد برزت في مجال الأدب، وهي شاعرة تنظم القصائد في مدح الآلهة، وقد وصلتنا أحد قصائدها الشعرية المسماة (سيدة النواميس الإلهية)، والتي نظمتها في مدح الآلهة (أنانا)(عشتار)، والمعروف ان الأكديين حين تسلموا السلطة في وادي الرافدين قد رفعوا من شأن الآلهة أنانا السومرية، وينسب البعض الأكديين أنفسهم إلى القبائل العربية القديمة التي عبدت الآلهة (عشتار)، والتي كان يرمز لها بنجمة الصبح، أو الزهرة، وهي ذاتها (العزى) عند العرب الجاهليين، كما تشكل الزهرة في شروقها الصباحي (نجمة الصبح) تعبيرا عن آلهة الجمال، بينما إذا اشرقت بعد المغيب فهي تعبير عن آلهة الحرب، ولربما كثرت في الأشعار العربية ذكر النجوم لذلك الارتباط بالمقدس الجاهلي.
و تتميز القصيدة التي وجدت على ألواح الطين أنها من تلك القصائد النادرة التي كتبت عليها اسم مؤلفتها ولقبها، ومن المعروف أيضا انه في المعتقدات الاكدية تكون أنانا هي زوجة الإله (آنو) رئيس الآلهة السومرية، وهو الذي جعلها حاكمة لجميع النواميس الإلهية، وبذلك كانت هي ذاتها مقررة للمصائر، ويبدو أن هناك تشابها بين هذه الأسطورة والأساطير اليونانية التي تتكلم عن ربات المصائر .و سنحاول فيما يلي أن نعيد صياغة بعض شطرات القصيدة التي احتوت على 153 شطرة شعرية، والتي وجدت مكتوبة بالخط المسماري
سيدة النواميس
يا سيدة النواميس والنور الساطع
واهبة الحياة الجليلة في لكون
كاهنة الإله (آنو)، وزوجته
أيتها المرأة العظيمة، الفاتنة بحليها
المفتونة بالتاج واهب الحياة
حارسة للنواميس السبعة بيديك القادرة
فضممتها إلى صدرك .
قادرة كالتنين يملئ البلاد بالسم الزعاف
أو كالزئير الذي يخفي اخضرار البلاد
و من الجبل تسوقين الطوفان
يا صاحبة المقام الجليل
تمطرين النار بالبلاد
أنت سيدة الكائنات والنواميس
من يستطيع فك أسرارك العظيمة في الشعائر
أجنحة عاصفتك تدمر البلاد الأجنبية
يا محبوبة (انليل) جعلتها تهب
فنفذت ما يأمر (آن)
يا سيدة الصرخات، تنحني لك البلاد الغربية
يرتعش الناس من نورك الوهاج بالعدل
لأنهم في حضرة بيت الأحزان العظيمة
وكل شيء يتهاوى في المعركة أمامك
يا سيدة الفناء، تدمدمين، تهجمين، ترعدين كالعاصفة
لان قدماك الريح تردد الحزن على قيثارة البكاء
الآلهة العظام كالخفافيش المرفرفة يهربون إلى الكهوف
إذا أبدت نظراتك الرهيبة
أيهم يقدر على تهدئة قلبك الغاضب، الحاقد
يا ابنة (سين) الكبرى، أيتها السيدة الجلية المعظمة
الجبال التي ما طأطأت رأسها، حرمتها الريح والقمتها النيران .
 
2) محبوبة الحمام " سامو رامات او سميراميس"
عرف العالم الكلاسيكي وكتاب اليونان الملكة الآشورية سومو- رامات (محبوبة العالم) باسم سميراميس. كانت سومو-رامات زوجة للعاهل الآشوري شمشي- أدد الخامس(822-811قبل الميلاد) الذي حكم الإمبراطورية الآشورية من عاصمته نمرود(كالح).وعند وفاته كان ابنه أدد- نراري الثالث(811-783 قبل الميلاد) قاصراً لم يبلغ سن الرشد بعد، فتولت السلطة نيابة عنه والدته سمو- رامات ولمدة خمس سنوات. قلدت سمو- رامات الملوك الآشوريين العظام بإقامة مسلّة لشخصها تخلد ذكراها في ساحة المسلات في معبد الإله آشور في العاصمة المقدسة آشور(قلعة شرقاط) التي اكتشفتها بعثة التنقيب الألمانية في مطلع القرن العشرين وبرئاسة المنقب والتر اندريه جاء فيها:
مسلة سومو- رامات
ملكة شمشي أدد
ملك الكون
ملك بلاد آشور
كنة شملنصر
ملك الجهات الأربع
كانت شخصية هذه السيدة العراقية من القوة والتأثير بحيث أصبحت قادرة على إدارة دفة الحكم في الإمبراطورية الآشورية المترامية الأطراف باقتدار لمدة خمس سنوات وكانت انجازاتها العمرانية والعسكرية سبباً اكسبها شهرة واسعة في عصرها ولأجيال عديدة لاحقة مما جعل من اسمها وذكراها مادة لكثير من الأساطير والقصص.وزاكو تو (نقية) التي تنتمي إلى إحدى القبائل العربية إلى الغرب من بلاد آشور كانت الزوجة المحبوبة والمفضلة لدى العاهل الآشوري شنحاريب(705-681 قبل الميلاد) وقد أطلق عليها زوجها اسمها الآشوري(زاكوتو) بعد الزواج. لم تكن السيدة نقية زوجة ملك اعتيادية ترضى بحياة القصور المترفة، بل استطاعت بدهائها وذكائها أن تساهم في حكم الامبراطورية إلى جانب زوجها. وكان لها نفوذ كبير في ارجاء البلاد، وتمكنت نقية بحنكتها أن تجعل من ابنها أسرحدون (680-669 قبل الميلاد) ولياً للعرش بالرغم من أنه لم يكن الابن البكر لسنحاريب.
ونسبت اليها اعمال طريفة واساطير لطيفة ونها انها ابنة الهة نصفها سمكة والنصف الاخر حمامة وكانت تعبد في مدينة عسقلان وصارت رمزا وعنوانا لامجاد حضارة وادي الرافدين وقد حكمت هذه الملكة لمدة شنوات بعد وفاة زوجها وبصفتها وصية على ابنها الصغير .
 
3) ألمطربة السومرية " اور - نانشي "
تعتبر بحق من اوائل من تحدث عنهم التاريخ في مجال الغناء في العالم القديم, , وهذه المغنية الشهيرة التي نالت شهرة واسعة كانت تجيد العزف على الآلة الموسقية بدليل .وجود تمثال لها وهي تعزف وكذلك تجيد الرقص مع الغناء وخا صة في القصور الملكية والحفلات ذات المستوى العالي أن تفا صيل هذا التمثال توحي لنا بوضعها الأرستقراطي وتسريحة شعرها المنظم المسدول الى الخلف الواصل الى تكوير عجزها بشكل أكثر استدارة ليظهر الوفرة للحم في هذه المنطقة في الشكل المدور(( اما الملابس فهي ترتدي سروالاً داخلياً محكم الشد على رجليها (لانها كانت تؤدي الرقصات أثناء الغناء ،وهذا التمثال وضع في معبد ( نيتي زازا— nini-zaza ((في ماري مع قطع أخرى لأور- نا نشي وهي مصورةعلىشكل امرأة تعزف قيثارة))
ويبقى تمثال أور- نانشي يشغل حيزاً مهماً في الفن السومري في عصر مسيلم ومن إنتاج مدينة ماري التي وجد وا فيها كثرة من التما .ثيل التي تمثل الحقبة السومرية ،وهذه التماثيل تضا ف الى قاعدة الفن السومري الثابتة الركائز
وقد أورد الباحث صموئيل كريمر أول أغنية في ا لحب تدور حول عروس مبتهجة وملك اسمه (شو- سين ) في بلاد سومر قبل ( 4000عام ) وهو رابع ملوك السلالة الثالثة في اور.