السبت، 3 أغسطس 2013

تاريخ اور والمسلات الاثرية في العراق

  تاريخ اور والمسلات الاثرية في العراق

اور


صورة زقورة أور واحدة من معالم الحضارة السومرية
تطورت الحضارة السومرية في الجزء الأسفل من وادي الرافدين حيث بدأت بقرى زراعية بتاريخ 3000 قبل الميلاد والتي مثلت بداية جيدة لتأسيس الحضارة السومرية ، واعتمدت زراعة السومريين على شبكة من قنوات الري التي استعملت لنقل المياه من نهري دجلة والفرات ، أمنت نظم الزراعة السومرية قاعدة زراعية ذات إنتاجية كبيرة جدا مهدت الطريق لتطور مدن بمستويات عالية ، شهدت الحضارة السومرية تطور اللغة المكتوبة كما انتشر الحرفيون المهرة الذين أنتجوا الفخاريات والمجوهرات والأسلحة المرصعة بالنحاس والفضة والذهب .
واجه السومريون مجموعة من المشاكل اعتبارا من العام 2400 قبل الميلاد وقد نتجت هذه المشاكل عن تدهور أراضيهم الزراعية بسبب تراكم الأملاح بالتربة في عملية تسمى في وقتنا الحاضر بالتملح (Salinization) حيث كانت هنالك زيادة صغيرة من الأملاح التي تضاف إلى التربة في كل عام كنتيجة لتبخر مياه الري الحاوية على تركيز منخفضة من الأملاح والتي أدت على مر الزمن إلى زيادة محتوى التربة من الأملاح حتى وصلت إلى مستويات عالية كانت كافية للتأثير على محصول الحنطة والذي كان يعتبر المحصول الرئيسي لدى السومريين ولكونه من المحاصيل الحساسة للملوحة فقد انخفضت إنتاجيته بشدة . أما محصول الشعير والذي يعتبر المحصول الرئيسي الثاني في ذلك العصر فقد كان اقل حساسية للملوحة بالمقارنة مع الحنطة ، واستنتج علماء الآثار والمؤرخون على بداية تملح الأراضي الزراعية للسومريين من خلال تبديل نسب محصولي الحنطة والشعير في الإنتاج الزراعي العام حيث يظهر بحلول 3500 قبل الميلاد أن كلا المحصولين قد زرعا بكميات متساوية لكن بحلول العام 2500 قبل الميلاد كان مقدار المساحة المزروعة بالحنطة تمثل فقط سدس الإنتاج الكلي للحبوب . من الواضح إن محصول الشعير الأكثر مقاومة للملوحة قد حل محل محصول الحنطة في مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية .
عند هذه النقطة من الزمن بدأت إنتاجية الحبوب لدى السومريين بالتدهور بشكل خطير حيث بينت السجلات القديمة لسنة 2400 قبل الميلاد والتي وجدت حول مدينة Girsu السومرية إن معدل إنتاجية الحقول من الحبوب قد وصل إلى حوالي 270 باوند / اكر (75 كغم /دونم ) وهي نسبة مقبولة حتى وفق المعايير الحالية ، في حين انخفضت بالعام 2100 قبل الميلاد لتصل إلى 160 باوند / اكر (45 كغم /دونم ) ، إما في العام1700 قبل الميلاد فلم تتجاوز الإنتاجية 90 باوند / اكر (25 كغم /دونم ) مما أدى إلى تدهور المدن ونزوح سكانها والتي تلاشت أخيرا لتصبح مجرد قرى .
وبينما خف بريق الحضارة السومرية في الجنوب ، فان البابليين في الجزء الشمالي أصبحوا أكثر أهمية حيث انتقلت السيطرة السياسية من سومر إلى بابل


المسلات 



دون المؤرخون أيضا الحدث الذي يبدو انه لعب دورا مهما في تدهور الحضارة السومرية حيث احتاجت مجموعة من المدن السومرية الممتدة على طول نهر الفرات إلى كمية من مياه الري أكثر مما تملك ، وبعد سلسلة طويلة من النزاعات غير المثمرة مع المدن الواقعة في أعالي النهر للحصول على كميات أضافية من المياه ، فان هذه المشكلة قد حلت من خلال فتح قنوات عبر الوادي من نهر دجلة حيث وفرة هذه القنوات مياه أضافية . واستعمال هذه المياه الإضافية أدى إلى رفع مستوى المياه الأرضية ، وعندما أصبح مستوى الماء الأرضي قريب من السطح فان الخاصية الشعرية قد سحبت تلك المياه إلى سطح التربة حيث تبخرت بسرعة عالية بسبب المناخ الحار مما أدى إلى زيادة سرعة تراكم الأملاح والتي أدت إلى تشبع المنطقة الجذرية لمحصول الشعير وتدمير المحصول بصورة غير معروفة سابقا أي أن السومريين بمسعاهم للحصول على المياه دمروا أراضيهم الزراعية الخاصة .
كما شيد البابليون نظام متقن تماما من قنوات الري والتي بدا العمل فيها في الفترة التي سبقت العصر البابلي خلال المدة من 3000 إلى 2400 قبل الميلاد إلا إن المشاكل تطورت بسرعة حيث أصبحت قنوات الري الطويلة والمتفرعة مكان لترسيب واستقرار دقائق الغرين المحمولة بواسطة مياه النهر ، لذلك كانت عمليات التطهير ضرورية لضمان استمرارية عمل تلك القنوات نتج عن ذلك تكدس الغرين بشكل حواجز كبيرة أو تلال بجانب القنوات ثم غسلت تلال الغرين بشكل تدريجي بواسطة مياه الإمطار إلى الحقول المجاورة مؤديتا" إلى إضافة طبقة علوية إلى سطح التربة ، وعلى وفق أحدى التقديرات فان حوالي متر واحد من الغرين قد تراكم فوق الحقول خلال فترة 500 سنة ، هذا الارتفاع في منسوب الأراضي الزراعية من خلال إضافة الغرين جعل إروائها أكثر صعوبة
بعدئذ تحطم كامل النظام بشكل تدريجي ومن ثم ترك بشكل كامل في القرن الثاني عشر بعد فترة قصيرة من الغزو المغولي ، وأخيرا" لم يتبقى سوى أجزاء صغيرة متناثرة من واحدة من أكثر الحضارات التي ازدهرت وسادت المنطقة طوال 4000 سنة حيث أثرت الملوحة والتغدق وتراكم الغرين على كامل نظام الري تقريبا الذي تطور في هذه المنطقة ذات المناخ الصحراوي .
اليوم تكافح دول مثل باكستان ومناطق أخرى مثل أراضي نهر كولورادو السفلى في الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك من نفس تلك المشاكل .
قد تساعد بعض الطرق الحديثة في مواجهة هذه المشكلة مثل تشييع التربة بالمياه من خلال شبكة من الأنابيب مع