السبت، 3 أغسطس 2013

الاختام السومرية

نبذة عن حظارة وادي الرافدين والاهوار

الاختام السومرية



في 3900 قبل الميلاد ارتبطت الحضارة السومرية في جنوب وادي الرافدين بالازدهار الاقتصادي والاجتماعي في بلاد الرافدين, وكان من نتائج هذا التطور في بلاد الرافدين أن تطور الأختام واستخداماتها, فقد أصبح الختم الاسطواني الوسيلة الأفضل للتعبير عن إتمام المعاملات الاقتصادية. انتشر استعمال الختم الاسطواني في أرجاء واسعة من بلدان الشرق الأدنى القديم, وكان شائعاً منذ البداية في جنوبي الرافدين (سومر) وفي جنوبي وجنوبي شرقي إيران (عيلام). لم ينتشر الختم الاسطواني في عدد من الحضارات المجاوره لسومر وعيلام ومن هذه المناطق التي لم ينتشر فيها الختم الاسطواني تركيا و شمال إيران, ولم يكن الختم الاسطواني شائعاً في بلدان الخليج العربي حيث تطور في هذه المنطقة نوع مستدير من الأختام المسطحة في الألف الثالث. تعتبر المواضيع التصويرية في الأختام الاسطوانية, بوجه عام, ذات طبيعة دينية, لكن الطابع الديني يشمل حتى المواضيع التي تبدو دنيوية مثل مشاهد الصيد والقتال واستعراض الأسرى وتهجير الناس. ظهرت الكتابة في الختم الاسطواني منذ منتصف عصر السلالات الأولى في وادي الرافدين (حوالي 2700 ق.م) والكتابة عبارة عن وهب الختم لأحد الآلهة. ومن مواضيع الأختام السومرية نختار مايلي:
1-
طبعة ختم على سدادة عنق جرة لم يبقى منها إلا ثلثها وعليها صورة رجل جاثي على ركبة واحدة ويمسك بكل يد على قرن أيل راقد إلى (أنزوكود) نسر برأس أسد وهو شعار الحرب في بلاد الرافدين . لا يلبس الرجل إلا نطاقاً وقبعة مسطحة على رأسه. عثر على هذه المعثورة في تل خويرة في سوريا. وتميز هذا النقش بأننا نشاهد ولأول مره صورة الرجل الجاثي والذي انتشر تصويره فيما بعد.
2-
صور على طبعة ختم على سدادة عنق جرة بقي منها النصف تقريباً صفي حيوانات على نحو غير مألوف في بلاد الرافدين. وإن كانت أجسام الحيوانات هنا مسطحة إلا أنها نافرة ومليئة. وتتألف الطبعة من حقلين, الحقل العلوي زهرة ذات ثماني وريقات, ثور وأسد. أمام الثور بعض النقاط وأمام الأسد خنجر له مقبض هلالي الشكل وفوق الحيوانات رموز كتابية. يوجد في الحقل السفلي ثلاث عنزات برية تتقدم من شجرة ويتبعهن حيوان آخر قد يكون كلباً أو أسد ممسوخاً. فوق العنزات حيوان صغير قد يكون أرنباً واثباً إلى جانب رمزي كتابة, أما بين الحيوانات فيوجد رأس حيوان وخنجر . ومن دلالات هذه الصور على النقش نتعرف على رمزين مهمان لدى مجتمعات الشرق الأدنى القديم وهما صورة الأسد الذي كان مقدساً عند أغلب شعوب الشرق الأدنى باعتباره الإله الحامي وكذلك رمز الثور الذي كان أحد رموز الخصوبة عند غالبية سكان الشرق الأدنى القديم بمن فيهم السومرين. وقد يفسر ذلك على أن الإله المتمثل في الأسد موجود لحماية مصادر الخصوبة في البلاد.
3-
منذ الثلث الثاني لهذه الفترة الحضارية أصبح الموضوع السائد هو الذي يصور هجوم الحيوانات المفترسة على الحيوانات الأليفة ودفاع الإنسان عنها. وصورت أجسام الحيوانات والإنسان متشابكة أو متصالبة. وإلى جانب الإنسان البطل ظهر كائن خليط هو الإنسان الثور الذي جسمه كجسم ثور ووجهه فقط كوجه إنسان. لقد رسمت الأشكال متصالبة ومتشابكة مع بعضها في شريط وقسمت إلى فئات تتألف كل واحدة منها من ثلاثة أو خمسة أو سبعة عناصر. أي أن صوراً كثيرة نقشت على ذلك السطح الضيق للختم. وقد عثر على مثاليين من تل خويرة في سوريا وهما على التوالي الأول صور أبطال في صراع مع أسد, وهما بطلان يصارعان أسدان, حيث يتقاطع الأسدان ويهاجمهما بطل من كل جانب. رسمت الأشكال كالأشباح فجاء شكل أجسام الرجال كأنه ساعة رملية ورؤوسهم عبارة عن حلقات, يرتدون مئزراً ويبدو أن جذوعهم عارية. أما الحيوانات المتقاطعة فهي غريبة عن أشكال الأسود. ونجد بين رأسي كل أسدين نجمة خماسية. أما المثال الثاني ففيه يهاجم الأسد حيوانات أليفة وكانت الأجسام أكثر امتلاء وتصالباً, ويبدو أنه متقن الصنع ومقسم إلى ثلاثة حقول. ولهذا السبب فأنه ينسب إلى نهاية هذا الدور. والختم كامل إلا أن الصور فيه غير واضحة قليلاً, وهو عبارة عن شريط مختصر من الأشكال المتصالبة. قسم السطح إلى ثلاثة حقول بدون حدود. في الحقل الأوسط ثلاثة مجموعات, وتتألف كل مجموعة من أربعة حيوانات أي زوجين. والزوج عبارة عن أسد وعنز متصالبة يقف أحدهما على رأسه. وبهذه الطريقة يعض الأسد العنز الآخر من عنقه. أما في الحقلين الأعلى والأسفل فنجد أزواجاً متصالبة من الماعز تقف منتصبة على القوائم الخلفية أو على رؤوسها, وبسبب ضيق المكان لم تصور القوائم الأمامية. حشرت الأشكال مع بعضها حشراً ولم يترك بينها فراغات لأن الحرفي قد جعل رأس كل واحد من كل زوج نحو الأسفل. رسمت الأشكال المتقاطعة في الحقل الأوسط منتصبة ومائلة في الحقلين الأعلى والأسفل لضيق المكان. ورغم قلب حيوان رأس على عقب في كل زوج, يبدو المشهد واقعياً لأن كل أسد يصل إلى فريسته من الزوج الآخر. وتعبر الأشكال المنقوشة عن فن رفيع يهتم بالانفعالات الداخلية للحيوانات المرسومة.