تعود أصول
التنجيم الغربي إلى بلاد ما بين النهرين. وخلال العقود الأخيرة أصبح واضحا
أكثر فأكثر بأن الجهود الغربية في العلوم الدقيقة، مثل الرياضيات والفلك،
تعود أصولها مباشرة من أعمال علماء الفلك البابليين المتأخرين. أما
معلواتنا عن علوم الفلك السومرية فأتتنا بصورة غير مباشرة عن طريق أقدم
السجلات البلبلية عن النجوم، والتي يعود تاريخها إلى حوالي سنة 1200 ق م.
إن حقيقة أن معظم أسماء النجوم تظهر بالسومرية ما يدل على استمرارية تعود
إلى العصر البرونزي الأقدم.
وخلال القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد طور علماء الفلك البابليون منهجا بحثيا تجريبيا جديدا في غلم الفلك. بدأوا بدراسة الفلسفة التي تبحث في الشكل الأمثل للكون وبدأوا باستعمال منطق داخلي في نظامهم الفلكي التنبؤي. وكانت هذه مساهمة مهمة لعلم الفلك ولفلسفة العلوم، حتى أن بعض العلماء وصفواهذا الإنجاز بانه أول ثورة علمية. وتم تبنى هذا المنهج الجديد في علم الفلك وتطويره في علم الفلك الإغريقي والهليني. وتستعمل مصادر علم الفلك الإغريقية واللاتينية الكلاسيكية مصطلح الكلدانيون للإشارة إلى علماء الفلك في بلاد ما بين النهرين والذين كانوا في الحقيقة رجال دين ونساخ متخصصين في علوم الفلك والعلوم المقدسة الأخرى.
قرص مع قائمة الكسوف بين 518 و 465 مشيرة الى وفاة الملك زركسيس .. ( مقتنيات المتحف البريطاني )
مخطط برج القوس بين التقويم الرافدي و التقويم الصيني ( لاحظ دقة الحساب الرافدي الاقدم )
ومع أن
البابليين استخدموا تقويما شمسي قمري، والذي أضاف أحيانا شهرا ثالث عشر إلى
التقويم، فإن مول – آبن، مثل الكثير من النصوص البابلية في علم الفلك،
يستعمل سنة "مثالية" تتكون من 12 شهرا "مثاليا"، في كل منها 30 يوما
"مثاليا". وبموجب هذا النظام فإن يومي الاعتدال الربيعي والخريفي قد ثبتا
في اليوم الخامس عشر في كل من الشهر الأول والشهر السابع، وحدد يوم
الانقلاب الشمسي في اليوم الخامس عشر في كل من الشهر الرابع والشهر العاشر.
(لوحة مول- آبن)
تعد هذه اللوحة أكثر الكتالوكات البابلية شمولية عن النجوم والأفلاك والمجرات، والباقية من قبل سنة 600 ق م.
إن لوحة مول –
آبن تلخيص عام يتعامل مع جوانب متنوعة من علم النجوم البابلي. إنها سجل
تقليدي للكتالوكات البابلية القديمة عن النجوم، والمسماة: قائمة كل ثلاثة
نجوم، لكنها تمثل نموذجا موسعا مبنيا على ملاحظات أكثر دقة، والتي يحتمل
أنها قد جمعت حوالي عام 1000 ق م.
يضم النص أسماء 66 نجما ومجرة، إضافة إلى أن فيه عددا آخر من الملاحظات، مثل تواريخ البزوغ والاختفاء والتي تساعد على رسم الهيكل الأساسي لخارطة النجوم البابلية. ويعتقد بأن عدد المجرات التي تمثل في هذه الألواح قد استعملت في جهود وضع ما يسمى Eudoxus of Cnidus
التقويم البابلي .. موضح فيها المواقع المستقبلية للكواكب
( مقتنيات المتحف البريطاني )
واحتفظ علماء
الفلك البابليون بتسجيلات تفصيلية عن بزوغ وغياب النجوم, وحركة الأجرام
السماوية، وكسوف الشمس وخسوف القمر، والتي جميعها كانت بحاجة لمعرفة حساب
المسافات
بالزوايا التي
حسبوها بواسطة الفلك. كما أنهم اسنعملوا شكلا من التحليل الفوريري Fourier
Analysis وهو جدول لحساب مواقع الأجرام السماوية والذي اكتشف سنة 1950 من
قبل العالم أوتو نيوگباور
منذ اكتشاف
الحضارة البابلية أصبح معلوما بأن علماء الرياضيات والفلك الإغريق
والهلينيين، وبالأخص هيباركوس، قد أخذوا كثيرا من الكلدانيين. وبين فرانس
خافير كوكلر في كتابه "الحسابات البابلية عن القمر" (فرايبرغ 1900) ما
يأتي: صرح بطليموس في كتابه المجسطي (IV.2) بأن هيباركوس أضاف تحسينات على
فترات حركة القمر والتي تعلمها من علماء فلك أقدم منه، بأن قارن بين
الملاحظات التي رصدها الكلدانيون قبله وما جاء به نفسه. لكن كوكلر وجد بأن
الفترات القمرية التي نسبها بطليموس إلى هيباركوس كانت قد استعملت في
الحسابات البابلية، وبالتحديد مجموعة النصوص التي تعرف اليوم " النظام ب ."
(والتي تنسب أحيانا إلى ميدينو). ويبدو أن هيباركوس لم يفعل أكثر من أن
يؤكد صحة الفترات القمرية التي تعلمها من الكلدانيين بواسطة رصداته الأحدث
زمنا.
نص فلكي يذكر المذنب هالي ( مقتنيات المتحف البريطاني)
منقول عن http://www.abualsoof.com/